الخميس، 4 مارس 2010

نظــــرات الجميــــزة

بعد تردد أعدت القلم إلى أصابعى، راح ينسج خيوط حدوتة اختزلها فى شرايين الذكريات ، يلامس البداية ، تحت الجميزة الضخمة التى كانت جدتى تحكى عنها وعن جذورها الضاربة عبر الزمن , حكايات وحكايات , أجلس مع أقرانى نتجاذب حكايات هامسة . الجميزة تعطف علينا وتلقى بين الحين والحين ثمرات حمراء ، نلتقطها ونمسحها ونأكلها ، نرفع أعيننا نشكرها ونسألها المزيد ، أوراقها وفروعها المتقاربة تسمح لأشعة الشمس أن ترسل خيوطها إلينا مع رقصات الأوراق على أنغام الرياح تتحرك الخيوط متلألئة لتصنع لنا لوحة مضيئة يعجز أى رسام أن يحاكيها ... صمت الجميع لا نسمع إلا زقزقة العصافير تغرد فى كورالها ….

تمر أمامنا وهى تلتحف بطرحتها السوداء وهى تمسكها بيدها ، العيون تنتقل إليها ، ترسل سهام نظراتها تجاهنا ، عيونها تنفذ إلى أعماقى ، تقرأ ما خطه القلم ،

نبضات قلبى راحت تعلن للعالم أنه موجود ، يرسل نغمات إلى بحور الشعراء ليغوصوا فى أعماقه لينظموا قصائدهم على أنغامه ...

أرجع إلى المدينة حيث كتبى ودراستى ولا يزال طعم الجميز فى كل طعام والنظرات تلاحقني ، أحاول المراسلة ولا صدى لصوتى أنتظر إجازة الدراسة حتى أعود للجميزة آكل من حباتها وأقرأ عباراتها الصامتة ، أسجل همساتها وابتساماتها التى كانت تضئ من بين ثنايا طرحتها السوداء التى تمسكها بيدها ، أعيش طوال العام على ما سطره القلم وهذا العام عدت إلى الجميزة أنتظر مرورها فلم تعد…


توقف القلم ، لم تستطع أن يكمل ، يد حانية تلمس جبهتى أفتح عينى على نظرة حانية وابتسامة رقيقة ،


- اصحي أنت تأخرت – ياه على طعم الجميز– لسه فاكر ..؟!


عاطف العزازى
نشرت بجريدة المساء
بتاريخ 29/12/2009
صفحة 10 باب من كل أقليم مبدع
وإذيعت بإذاعة شمال الصعيد برنامج المجلة الثقافية


20 أكتوبر 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق